يبدو أنّ التفاوت بين المدارس في السويد من حيث نوعية التعليم وظروفه وتوفر الكوادر مشكلة كبرى، وهي
تزداد سوءاً مع ازدياد الوقت.
تقوم نقابة معلمي السويد بشكل سنوي بتقييم البلديات مدرسياً، حيث تطبق عدداً من المعايير لتحديد أفضل
البلديات من حيث المدارس الموجودة فيها. هذا العام احتلّت بلدية Övertorneå التابعة لمقاطعة نوربوتن
Norrbotten المركز الأول.
لكنّه سيكون الإحصاء الأخير. لماذا؟ وفقاً ليوهان ايورا أوستاند Johanna Jaara Åstrand، رئيسة نقابة
المعلمين، فالسبب أنّ التفاوت بين المدارس في البلديات المتنوعة بات أكبر من أن يخدم التصنيف مسعى
إيجابي.
لماذا يحدث ذلك؟ لنحاول أن نرى بعض آراء الخبراء.
الضغط
أظهرت أبحاث بيورن هوغبيري Björn Högberg، دكتور العمل الاجتماعي في جامعة Umeå ، بأنّ سياسة
المدارس تدفع الجزء الأكبر من الطلاب إلى التوتر والقلق. كما أظهرت أبحاث آلي كلاب Alli Klapp، البروفسورة
المساعدة في أصول التربية في جامعة يوتوبوري النتائج ذاتها.
أعلن الباحثان سفين بريمبري Sven Bremberg وإليزابيث فيرنل Elisabeth Fernell بأنّ السويد في أعلى ترتيب
دول أوروبا الغربية بما يخص معدل الوفيات بين الشباب. الشباب ينتحرون، ويدمنون المخدرات أو يتصرفون بلا
مبالاة بدرجة أكبر من البلدان المجاورة للسويد.
تتحدث المعلمة ماريا ويمان عن بعض أوجه الضغط الذي يعاني منه التلاميذ قائلة بأنّ الصف التاسع لديهم 13
امتحان وطني على الأقل يجب إتمامهم بغضون أشهر، وبأنّ نتائجها يجب أن تؤخذ بالاعتبار عند وضع الدرجات. وأنّ
متطلبات الاختبارات والدرجات المدرسية في أعمار أصغر تزداد وتزيد الضغط على التلاميذ.
الموارد
تتقلص ميزانيات المدارس بشكل مستمر. أكثر من نصف مدارس السويد ينقصها طواقم من المدرسين
الاختصاصيين وطواقم المكتبات بشكل يضرب ناقوس الخطر.
تمّ إجراء دراسة مقارنة في الربيع من قبل نقابة المعلمين السويديين، تناولت الأموال المستثمرة والإجازات
المرضية، وأظهرت بأنّ البلديات التي كان لديها تمويل جيّد، مالت للاستثمار أكثر في المدارس فحققت مراكز
جيدة، بينما البلديات التي كان تمويلها سيئاً، لم تكن مدارسها تحقق بشكل جيّد.
اقترحت الحكومة في مشروع الموازنة الجديدة التي سيتم التصويت عليها في الفترة المقبلة، زيادة الأموال
المخصصة لميزانية المدارس بمقدار إجمالي 1.3 مليار كرون. بهدف توفير طواقم مدرّبة بأعداد أكبر، وزيادة قدرة
البلديات على تمويل المدارس.
التخصصات
في بحث ممتاز لستين سفنسون، الباحث المستقل وعضو شبكة المساواة في المدارس، رأى بأنّ المشكلة
تجاوز تخصيص المزيد من الموارد للبلديات أو بشكل مباشر للمدارس.
بيّن بأنّ المشكلة تعود إلى الهجوم على نظام الملكية العامة للمدارس، الذي كان جزءاً من الهجوم الأوسع على
كامل الملكيات العامة. ناقش البحث بأنّ النظام الليبرالي الجديد والسوق بات هو الحل الذي يقدسه السياسيون.
ورغم أنّه كان بالإمكان الاستفادة من تجارب الدول التي سبقت وأفشلت المدارس والقطاع التعليمي، فلم يحدث
ذلك في السويد.
يقول سفنسون بأنّ الضعف النقابي والانقسامات السياسية أديا إلى أن تكون السويد هي الوحيدة في أوروبا (في العالم معها تشيلي أيام الدكتاتورية ثمّ منذ 2008 بقيت السويد وحيدة) التي تسمح لشركات ربحية بإدارة المدارس، بينما تدفع الدولة تكاليفها من الأموال العامة. وأنّ هذا النظام المختلط الذي تتقاسم فيه الدولة والبلديات المسؤولية عن منح الربح لشركات التعليم، عقّد المشاكل وضاعفها في جميع مجالات التعليم، ونقص الكوادر والضغط على التلاميذ جزء منه.
النتيجة التي وصل إليها البحث بأنّ أيّ حل يُطرح لمشاكل النظام التعليمي وللتفاوت في المستوى بين المدارس، ومنها زيادة الموارد، لن يكون له قيمة طالما تمّ الإبقاء على المزج بين قواعد السوق والنظام التعليمي.
تحدّث الكاتب والمدرس ماركوس لارسون … عن جزء من المشكلة ذاتها، حيث كتب بأنّ المدارس المستقلة تحصل على الأموال السياسية نفسها التي تحصل عليها المدارس البلدية، رغم حقيقة أنّ مهامها أقلّ شمولاً. من بين أمور أخرى، لديهم قاعدة طلابية أقلّ كثافة في الموارد من مدارس البلدية، علاوة على المتطلبات الأخرى من مدارس البلدية، ما يخلق ظروفاً غير عادلة تفيد المدارس المستقلة وتضرّ بالمدارس البلدية.